إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

حين زرتُ الوطن ..(١)


----- 
كثيرون من هم مثلي ، ولد بأرض غير الوطن ، وتربى وعاش بها ، دون أن يزور الوطن ، ثم فجأة قرر أهله زيارة هذا الوطن ، وأحيائه في عقله وقلبه .. من هو محظوظ هو من زاره ، ومن لم يزوه لن يعرف  طعم الوطن ... 
 
ببضع دقائق شيء دفعني للكتابة عن زيارتي لليمن كأول مرة أفهم فيها أن لي وطن إسمه اليمن .. 

-----  



لطالما كان الإنتماء والإعتراف بالوطن شيء مقدس لدينا في عائلتي  ، لكن لم أكن أفهم ذلك  ، فحين كنت صغيرة في الإبتدائي ، لم أعلم أني مختلفة إلا بالوقت الذي كان ينادى بإسمي لأخرج من الصف وأتلقى إشعاراً عليَّ إبلاغه لوالدي بشأن قرب إنتهاء موعد الإقامة ، كان الأمر يسبب لي حرج كباقي الفتيات العربيات .. 
بدأت المدرسة تريني إختلافي في الجنسية ، ومالميزات التي أحرم منها لكوني غير سعودية ، كانت المدرسة هي البيئة التي تغذي الطلاب بالعنصرية من الصغر .. بالتفريق بين الطلاب ، فهؤلاء أجانب ، وهؤلاء سعوديين .. 


حين كنا صغاراً إنقطع والديَّ عن السفر لظروف معيشتنا التي مررنا بها ، كان الإنقطاع عشرة أعوام أظنه ، حتى أتى موعد القيام بزيارة للوطن وكان عمري حينها ١١ عام .. 
لا أذكر قبلها اليمن فآخر سفرةٍ لها كنت أبلغ عام بقول والدتي ، التي ترينا صوراً ألتقطت لنا هناك أنا وأختي قبل أن تلد أخي ، مع أفراد كثر أجهلهم .. 

احدى الصور مازالت معي تشاركني الغرفة ، ألتقطت  في حديقة السبعين عام ١٩٩١ نقف أنا وأبي  وأختي بجانب سور الحديقة من الداخل .. 
لا أتذكر أي شيء عن زياراتي لها ، وحديث أمي عن تلك الزيارة هو ماكنت أحتفظ بهِ بجانب الصور .. 

بعد تخرجي من الإبتدائي .. وتخرج أختي من الإعدادي ، أخبرونا  أننا سنعود لليمن  في هذه العطلة ، ردة فعلنا كانت سلبية لم يتوقعوها ،كان رفضنا  أننا سنترك العيش هنا  لنذهب لليمن التي كانت مخيلتنا ترسمها على أنها بلد فقير جداً ليس فيه إلا جبال وأراضي زراعية ، ويخلو من رفاهية الحياة التي كبرنا عليها . 
كنت معهم أبكي وأرجوهم أن لا نذهب لكن كان حديث أبي يحاول أن يصحح لنا تلك الفكرة الباطلة التي في مخيلتنا محاولاً طرد الأشياء السلبية التي سمعناها عن اليمن .. 
حين بدأ التحضير لسفر بشراء الهدايا والملابس الجديدة ، والتسوق لأشياء كثيرة ، تغيرت ردة الفعل فأصبحت بدلاً من خوف  ، شوق للتعرف  وفرح .. 

أذكر أننا حين وصلنا لليمن لأول مرة ، وصلنا إلى تعز ، بوقت الظهيرة كان حينها الوقت حار ، والمكان مزدحم في موقف الباصات ، وكنت متعبة من عناء الرحلة التي كلفتنا ليلتان في الطريق .. 
قدِم  خالي الأصغر ليستقبلنا ، وكنت أجهله .. لم أره قبلاً إلا بصورة ولم أهتم بمن هو ، خالي كان أم عمي ! 

سلمّ علينا وكان أول ماتعجبت له  ، هو طريقة السلام التي جهلتها وراحت مخيلتي الصغيرة ترسم أن السلام بتقبيل اليد كما في التلفاز ، ولم أدرك أن باليمن عادة السلام لدى البعض بتقبيل يدك ويده بنفس الوقت .. .. 

- يتبع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق