إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 17 أكتوبر 2015

صنعاء و القصر غمدان .

أدى الإنتشار و التفخيذ لقبائل قحطان إلى تكوين بني قحطان من خلال أجيال كثيرة و فترة زمنية طويلة ، و قد عامر بنو قحطان خلال التكوين إخوانهم العرب من القبائل و منهم ( العمالقة و كنعان و أشوذ و لاوذ و فاران و أميم و عبد ضخم و بني مطر و غيرهم ..)
اقترن بداية العصر البرونزي بوحدة قبائل بني قحطان بزعامة يعرب يمن بن قحطان و كان من أعاظم الملوك كما ذكر ابن خلدون ، وهو الذي ملك بلاد اليمن و اسماها على اسمه يمن بعد التوحيد ، وغلب قوم عاد العمالقة في الحجاز و ولي جرهم بن قحطان  على الحجاز و حضرموت بن قحطان على جبال الشحر و حضرموت ، وعُمان بن قحطان على عُمان و سميت بإسمه . " وهم ليسوا أبناء قحطان مباشرين إنما هم من سلالته " 
ولي يعرب أخوته على جميع أعمال و مقاطعات اليمن الثلاثة عشر منهم أزال بن قحطان الذي قام ببناء مدينة أزال ، فبنيت على سفح جبل نُقم بين الجبلين نقم و عيبان . 
و تدل القرائن أن أزال أخو يعرب بن قحطان و بناها في أوئل الحضارة البرونزية و التي شهدت تطورًا هاما حيث أصبحت المدينة الثانية الرئيسة و مقرًا للملوك و تم تشيد البيت غمدان فيها و ذلك في عصر دولة سبأ الأقدم و ذكرت أزال في أنباء أربعة ملوك حكموا الألف الثاني ق.م. منهم : 

الملك وائل بن حمير : 
هو الملك وائل بن حمير بن عبدالشمس ملك سبأ ، قال ابن خلدون " مَلك عبد شمس و بنى مدينة سبأ و سد مأرب ، وهلك قبل أن يتم بناءه فأكمله بعده ابنه الملك حمير و حكم و قيل هو أول من تتوج بذهب ، ثم ملك بعده ابنه وائل بن حمير و تغلب على أخوه مالك بن حمير على عُمان ، و اتخذ الملك وائل مدينة أزال مقراً له و هو أول من فعل من الملوك ذلك . 
عاش النبي إبراهيم عليه السلام مدى عمر هؤلاء الثلاثة ( عبد شمس و حمير و وائل ) و يبدوا أن الملك وائل إنتقل إلى أزال بعد أن خرج عليه أخيه مالك ، فاتخذها مقرا لأنها في وسط اليمن و قاد منها الحرب ضد أخيه .. و كان الملك ابنه الضحكاك بن سكسك يحكم معه و نائب له . 

يقول الهمداني " مدينة صنعاء أم اليمن و قطبها لأنها في الوسط بينها و بين عدن كما بينها و بين حد اليمن من أرض نجد و الحجاز ، و كان اسمها أزال " 
و قد ولى الملك وائل ابن أخيه نجران بن زيدان على منطقة نجران و به سميت البلد كما يقول ابن خلدون . 



الملك الضحكاك بن سكسك بن وائل بن حمير : 
و هو الذي قام ببناء قصر غمدان البناء الأول ، و سماه على اسم كوكب الزهرة كما دلت النقوش ، قال ابن خلدون " قصر غمدان بن الضحكاك و حجت إليه الأمم " و قال الرازي أول حجر و ضع في غمدان بناه شراحيل الحميري و بنى القصر بعد آل شرح يخضب بألف عام . أصبحت أزال في عهد الضحكاك مدينة دينية و عاصمة و مقرًا لعبادة الآلهة مثل ( عثتار - و حوريس ) و كان غمدان آن ذلك دار عبادة .. مات الضحكاك و استمرت أزال مدينة رئيسية و مقرا للعبادة عدة قرون . 

الملك شداد بن شمس بن عاد بن الملطاط بن الضحكاك : 
جاء ذكر غمدان في عهد الملك شداد وكان من عظماء ملوك حمير و عاصر الحموراي ملك بابل و سار لمناصرته إلى بابل و أشور . يقول الهمداني : " عاد شداد و لم يدخل غمدان إنما اتجه إلى مأرب و بنى فيها القصر العتيق ، فلم يدع في اليمن من جواهر و عقيق و لا بأرض بابل و أرسل يجمع فجمع أنواع جواهر الدنيا من الذهب و الفضة و النحاس و الرصاص ، فبنى فيها و رصعه بجميع ذلك و جعل في أرضه زجاجا أحمرا و أبيض و جعل تحتها أسرابا أفاض إليها ماء السد ، فكان القصر لم يكن مثله في الدنيا .. ثم مات الملك و دفن في مغارة بجبل شبام . 

الملك الحارث بن الرائش بن آل شداد : 
جاء ذكر غمدان و مدينة أزال في عهد الملك الحارث و هو أول ملوك سبأ التتابعة و كان في عصر النبي موسى عليه السلام ، و جاء ذكر أزال في عهد الملك أنه سار يغزوا من أزال الترك في الشام و مايليها من بلاد الترك إلى ان بلغ بنات نعش في أرمينية و ذلك في عصر موسى عليه السلام، ثم مات و حكم بعده ابنه ذي المنار و بعده ابنه ذو الأذعار بن ذي المنار ثم أخوه الملك أفريقيس بن ذي المنار إلى أن انتهت مدينة أزال كمدينة دينية سياسية بسبب تحولات سياسية في نهاية العصر السبئي و مالبثت أن تأسست مدينة صنعاء بدلاً عن أزال ، و ارتفع مكان معبد غمدان و أصبح قصراً عظيم . 

**

بنى مدينة صنعاء الملك هلك أمر بن كرب ملك سبأ و ذي ريدان ، و قد ذكر ترتيبه قبل الملكة بلقيس و زمن سليمان و بينت النقوش الأثرية الآتي : 
أن مدينة أزال انتهت و تعرضت للدمار بسبب التحولات السياسية و الدينية ، وبصفة التحول من عبادة الآلهة السابقة إلى الإله ( إلمقه) حيث بدأ العصر الثاني لملوك سبأ التتابعة و الذي يحمل ملوكه في نقوش السند معبد أوام ( حرم بلقيس ) و معبد باران ( عرش بلقيس ) لقب ملك سبأ و ذي ريدان و قد كان أولهم زمر علي وتار يهنعم بن سمهعال ثم زمر علي ثم كرب و ابنه هلك أمر 
قام الملك هلك أمر بإختطاط صنعاء و بناءها مكان مدينة أزال و أسكن صنعاء قبائل سبأ  و هو أيضا أول من شرع في تشييد قصر غمدان بعد بنائه القديم ، و هو الذي سمى صنعاء بإسمها صنعان أو صنعن .
ذكر الهمداني أن آل شرح يخضب سيد قصر غمدان ، و كان القصر بناء واحداً فقام ببناء تعلية قصر غمدان حتى أصبح قصرا عظيما ، جاء في عدد الطوابق و ارتفاعه ثلاثة أقوال جميعها صحيحة : 
أنه كان سبعة سقوف في عهد هلك أمر إلى عهد بلقيس ثم قام آل شرح بتجديد ذلك و تعلية غمدان عشرة أسقف ثم جرى بعد ذلك تعلية غمدان عشرين سقف . 


جاءت الزيادة التي تمت بعد ذلك لم تكن في القصر و إنما إلى جواره بحيث صار غمدان عدة قصور و مباني جميعها في فناء واحد .. ويمكن القول أن الملك شعرام أوتر قام ببناء في غمدان إلى جوار القصر واستمر ذلك في عصور تالية حيث أصبح غمدان يضم القصر و عدة مباني و مساكن في فناء واحد . وآخر مابني في غمدان قصرا زجاجي و قد بناه أسعد الكامل وهو أسعد الثاني . 
كان آخر ملك أقام في غمدان هو " يوسف أسار ذو النواس " حكم عام 515م و حكم بعده الملك سُميفع ذو الكلاع و يزن . و انتهى عهده بالغزو الحبشي المدعوم من الرومان . وهدم إرباط الحبشي جانيا كبير من القصر أثناء المقاومة في الحرب . 

يقول ابن هشام : " بينون وغمدان من القصور التي هدمها إرباط الحبشي و التي لم يكن لها مثيل " 
و يقول ابن خلدون : " قسما من غمدان بقى شامخ . فلما قضى الملك سيف بن ذي يزن على الأحباش استقر في غمدان " 



و للحديث بقية . 

الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

تاريخ أُم اليمن صنعاء . -1-

صنعاء كانت و مازالت المدينة الشهية للباحثين عن تاريخها ، فتناول الكثيرين في ذكر أخبارها في الكتب ، وتناقلت الروايات  و الأساطير حولها .. بعضها ما هو صحيح وثبتت صحته في النقوش التي وجدت و تعود للحضارات و العصورة التليدة . 
هنا سأطرح بعض مما قرأته من كتاب للمؤرخ اليمني محمد الفرح عكفت على قراءته و تحدث عن بدء التكوين منذ العصر الحجري حتى زمن الملك سيف بن ذي يزن ، و يطول الحديث عن ذلك  و سأختصر بعض ما جاء لذا وجب تقسيمه لسلسلة تدوينات تتناول بالترتيب الأحداث لتاريخ صنعاء القديم .. 


تعد مدينة صنعاء من أقدم المدن على وجه الأرض ، أقيمت هذه المدينة على أنقاض مدينة أزال التي بناها (أزال بن قحطان بن هود عليه السلام ). و استمرت أزال زهاء أربعة آلاف و كانت اول مدينة اختطت باليمن وبنتها عاد ، ثم حلت محلها وبنيت صنعاء على يد الملك ( هلك أمر كرب ملك سبأ و ذي ريدان ) و سميت منه . و كانت مدينة أزال ثاني مدينة رئيسية في اليمن في الألف الثاني ق.م. حيث جاء ذكرها في أنباء خمسة ملوك بكتب التاريخ منهم الملك ( الضحكاك بن سكسك ) و الذي ذكره ابن خلدون أنه من بنى قصر غمدان في صنعاء 

جاء تأسيس صنعاء في اسطورة أن بناها هو سام بن نوح ، و كون صنعاء أقدم مدينة في الأرض يتحقق ببناء أزال بن قحطان اياها و يرى في أصل القول بتأسيس سام بن نوح لمدينة صنعاء هو أن سام بن نوح و اللذين معه من أبناء سام استقروا في صنعاء و لم تكن في ذلك الزمن مدينة ، و إنما استقروا في كهوف و سفح جبل نُقم فكان سام بن نوح و اللذين معه سكنوا الكهف في العصر الحجري و زمن سام يعود إلى ما قبل الألف العاشر ق.م و هو زمن سابق لتأسيس المدن في تاريخ الإنسانية 
و يذكر  مسيرة الحياة الإنسانية في اليمن قد تواصلت في العصر الحجري ، ثم انتقلوا إلى عصر الحضارة الزراعية و تربية و استخدام الحيوانات و تأسيس القرى و التجمعات السكنية ، حيث دلت الدراسات أنه كان يسود الجزيرة العربية مناخ دافىء تكثر فيه الأمطار ، و هناك دلائل على أن الماشية بما فيها الجاموس و المعز و الشاة قد دجن و استخدم إقتصاديا في اليمن قبل أن تدجن و تسخدم في العراق و مصر ، و بذا يكون العرب اللذين اطلق عليهم ساميون أول من أخترع الزراعة التي تعتمد على الري و أول و أقدم من مارس الفلاحة و الزراعة ، فالعرب إذا هم أول من أسسوا الحضارة الإنسانية في أقدم مراحلها . 

كان سكان اليمن أنذاك هم من قبيلة عاد و إخوانهم من قبائل العرب العاربة السامين الاوائل و قد سماهم ابن خلدون الطبقة الأولى من العرب العاربة و قال عنهم :" هذه من أقدم الأمم بعد قوم نوح و أعظمهم قدرة و أشدهم قوة و أول أجيال العرب " و هؤلاء العرب شعوب كثيرة منهم ( عاد - ثمود - أميم - العمالقة - عبد ضخك - جرهم -حضرموت -حضور - السلفات .. ) و كانت حضارة عاد أقدم الحضارات الإنسانية بعد طوفان نوح عليه السلام ، و بعث الله لهم النبي هود عليه السلام و هو والد قحطان  ولما أهلك الله عاد نجا هود و اللذين معه و ابنه قحطان و مات النبي في شرق وادي حضرموت 
و قد انتقلت تلك الأمة إلى حضارة الزراعة بزعامة قبيلة عاد ، يقول  ابن خلدون : " عاد هم بنو عاد بن عوص بن إرم بن سام و كانت مواطنهم باحقاف الرمل و رمال الأحقاف بحضرموت و هي جبال في اليمن بين عُمان و حضرموت و جاء في الاكليل أن قبيلة عاد ملأت جانبًا من الأرض و تفخذت و صارت إحدى عشر قبيلة  و كانت عاد زعيمتهم . 



كانت هذه القبائل الثلاث المنحدرة من قحطان تقيم في المقاطعات ومنها حضرموت و التي سميت البلاد بإسمها ، و أوفير وتسكن مرفأ بحري قديم و حويلة و المراد بها بلاد الأحقاف و قبيلة شيبأ وهي سبأ التي تنسب إليها الدولة السبئية و إنتشرت من المخأ إلى ظفار شرق عُمان . 




يتبع ماتبقى في جزئية أخرى ............